القائمة الرئيسية

الصفحات

«التوأم جمال».. قصة أشهر راقصتين توأم في السينما المصرية.. من أصل يهودي وتم طردهم من مصر

 نبذة مختصرة عن التوأم جمال 

في عشرينات القرن الماضي وصل إلى الإسكندرية الموسيقي اليهودي النمساوي ألبرت فيشل، وسرعان ما اندمج في مجتمع المدينة فتزوج من مغنية أوبرا يهودية تدعى جانين ألبرت، حيث أنجبا ابنتين هيلينا عام 1930، وبيرتا عام 1932. 

مولد ونشأة التوأم جمال

ولدت هيلنا وبيرتا عام 1930 و1932، على التوالي، في الأسكندرية، لوالدين موسيقيين. والدهما فيشل كان من أوكرانيا، وانتقل إلى فينا حيث أصبح عازف كمان في أوركسترا. وفي نهاية العشرينيات، ولسبب غير معلوم، انتقل إلى مصر والتقى بزوجته جيني (جنين)، والتي كانت تعمل مغنية في الأوبرا، وهي أيضا ابنة لمهاجرين من أوروبا الشرقية. 

عاشت العائلة في الأسكندرية عدة سنوات، وخلال الحرب العالمية الثانية انتقلوا إلى القاهرة، ولكنهما أخفوا كل ما يتعلق بأصلهم وحقيقة أنهم يهود، لاسيما وأنه كانت هناك تحركات لإقامة دولة إسرائيلية في فلسطين. وكان عدد اليهود في القاهرة وقتذاك يُقدّر بحوالي عشرات الآلاف. 

البداية كانت مع دروس الرقص 

كتبت بيرتا احدي التوأم في مذاكرتها، الموجودة في أرشيفهما الشخصي الذي حصلت عليه المكتبة الوطنية في القدس مؤخرًا. أن والدهما كان يريدهما أن تصبحان عازفتا كمان. وفي الخامسة من عمرها كانتا تحصلان على دروس رقص.وحسب المذكرات، فإن مُدرب الرقص الذي علمهما الحركات كان المسؤول عن تدريب بنات الملك فاروق.

وبعد فترة وجيزة، تدربتا على الرقص الشرقي بجانب دروس وحصص الباليه.

لاحظ الجميع موهبتهما الاستثنائية في الرقص، ما جلعهما ترقصان في الأمسيات وحفلات جمع التبرعات، ثم ظهرتا في الأفلام.

تقول بيرتا، حسب المذكرات والقصاصات، إنهما شاركتا في 30 فيلمًا سينمائيًا، ورقصتا بجانب فنانين مشهورين مثل محمد عبدالوهاب، وتحية كاريوكا، وسامية جمال، ونعيمة عاكف.

في بداية الأمر، رفض والدهما الأمر ولم يتقبل أن تمتهن ابنتاه مهنة الرقص الشرقي، وخافت عليهما والدتهما من هذه المهنة التي قد تعرضهما إلى الكثير من المشاكل.

ومع ذلك، لم تتخل الفتاتان عن الفكرة، خاصة وأن والدهما فقد مصدر رزقه، وعانت الأسرة من أزمة اقتصادية، حسب الأرشيف.

بعد عدة مناقشات، توصلت الأسرة إلى تسوية تتمثل في أن ترافقهما الأم في كل البروفات والتمرينات.

من هيلينا وبيرتا الي ليلي ولميا جمال

كان نجاهما مُبهرًا، فاختارتا اسم "ليلى ولميا" لكي يكون اسمهما الفني، ثم منحهما صاحب الملهي الليلي اسم "جمال" بالنظر إلى جمالهما الشديد، ومرونتهما وتقديمهما لعروض فنية مُبهرة.

لم يكن فارق السن بينهما واضحًا، فاعتقد الجمهور أنهم يشاهدون توأمًا متطابقًا، وأعجبت الفتاتان بالفكرة، فلم يبذلا أي مجهود لنفي هذه الشائعات.

تقول بيرتا، في حوار صحفي قديم، إنهما كانتا متطابقتين فعلاً، ترتديان الملابس ذاتها، وتقومان بالحركات الاستعراضية نفسها. 

وبالرغم من كل ذلك، حرصوا على إخفاء أصولهم اليهودية جيدًا، ولم يُكشف سرهما. 

أهم أعمال التوأم جمال 

 سرعان ما ذاع صيت التوأم جمال، حتى أن الملك فاروق شخصياً كان واحداً من معجبيهم فكان يترد بانتظام على كازينو "قصر الحلمية" بالقاهرة الذي كانتا تقدمان فيه وصلاتهما الراقصة، هذ الشهرة سرعان ما قادت الشقيقتين إلى المشاركة في أول فيلم سينمائي لهما وكان "بلبل أفندي" عام 1948 حيث رقصتا في الفيلم على أنغام أغاني صباح وفريد الأطرش. 

لم تؤثر التغييرات السياسية التي شهدتها مصر بعد الثورة التي قادها جمال عبد الناصر خلال سنة 1952، على مسيرة الراقصتين المهنية. وخلال تلك الفترة، شاركت «لِيلي» و»لِميا» في العديد من الأفلام مثل فيلم الأسطى حسن (1952).

 ومن بين الأعمال الفنية الأخرى التي شاركت فيها الراقصتان «التوأم جمال» فيلم «الآنسة حنفي»، حيث أدتا عرض رقص شرقي خلال حفل زواج بطل الفيلم.

في السنوات اللاحقة شاركت ليلي و لمياء في عشرات الأفلام السينمائية إلى جانب شادية ومحمد فوزي واسماعيل ياسين وفريد شوقي وفاتن حمامة وغيرهم من نجوم السينما والغناء في مصر والعالم العربي آنذاك، كما جاوزت شهرة الشقيقتين مصر فكانتا تقومان برحلات منتظمة إلى الخارج وبخاصة شرق آسيا حيث شاركتا في عدد من الأفلام الهندية، مثل الفيلم الهندي "ابنة اليهودي" عام 1957.

وفي حوار عن مشاركتهما في هذا الفيلم، لم يذكرا أي شيء عن أنهما في الواقع بنات رجل يهودي، ولكنهم تحدثا عن قدرتهما على الغناء والرقص الهندي.

التوقيف بتهمة التجـ ـسس 

 أثارت رحلات التوأم جمال المتكررة والمستمرة شكوك نظام الرئيس جمال عبد الناصر. وفي عام 1957 وخلال إحدى رحلاتهم إلى الخارج أرسل الأب ألبرت فيشل برقية لابنتيه بعدم العودة إلى مصر لأن الشرطة المصرية أصدرت أمرا بتوقيفهم بتهمة التجسس، ومنذ تلقيهما التنبيه والتحذير من والدهما عام 1957، لم تجرؤ أي من الراقصتين على دخول مصر مجدداً. 

انتقال التوأم جمال إلي أمريكا 

 بعد التنبيه وجدت الشقيقتان نفسيهما عالقتين مع والدتهما في الهند، لكنهما تمكنتا من الحصول على تاشيرة بعد التقائهما بوفد من الكونجرس الأمريكي كان في زياردة للهند، وقرر أعضاء الوفد حضور حفل في الملهى الليلي الذي يقدم فيه التوأم عرض.  

بدأ التوأم الجولة في واشنطن وكان ريتشارد نيكسون من بين الحضور. وتقول بيرتا في حوار مع صحيفة أمريكية إن نيكسون أخبرهما أنه أحب عرضهما كثيرًا وتوقع نجاحهما في بلاده، ومن هناك انتقلوا إلى نيويورك، وميامي وشيكاغو وغيرها من المدن الأمريكية الكبرى.

وبعد فترة قدموا فيها العروض في أمريكا، خفت نجمهما، فاتخذتا قرارًا بتعليم الرقص الشرقي. 

وفاة الراقصتان التوأم جمال 

توفيت هلينا والتي كانت معروفة بـ (لين، أو لميا) في لونج أيلاند، نيويورك، عام 1992. أما شقيقتها بيرتا والمعروفة بـ(ليز، أو ليلى) عاشت في كونيكتيت، حتى وافتها المنية في عام 2016، ولم تجنب أي منهما الأطفال.

حقائق مثيرة تنشرها هآرتس عن التوأم جمال 

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مؤخرا تقريرًا يكشف تفاصيل عن حياة الراقصتين "ليلى ولميا" المعروفتين باسم "التوأم جمال"، اللتين حققتا نجاحاً كبيرًا في مصر وفي العالم كله.

حيث وصلت المكتبة الوطنية بالقدس حقيبة تحمل وثائق و صور شخصية للراقصتين المشهورتين، والتي ساعدت على التحقق من هوية «التوأم جمال» الحقيقية، عن طريق شيلي أبراهامي، ابنة زوج بيرتا الثاني: « المعروف إن بيرتا وأختها ليس لديهما أبناء، وأعتبرت أنه من الأفضل التبرع بالأموال التي كانت ملكاً لهما إلى مؤسسة من شأنها أن تخلد ذكراهما».

استطاعت صحيفة هآرتس ان تحصل على بعض هذه الوثائق الموجودة بالمكتبة، و ذكرت هآرتس أن الراقصتين كانتا أهم فنانيتن استعراضتين في مصر في ذلك الوقت، وكانتا يُعرفان أحيانًا باسم "ليلي ولمياء"، وأحيان أخرى باسم "ليس ولين"، وكان من أشد معجبينهما ملك مصر الملك فارق، ونائب الرئيس الأمريكي -وقتذاك- ريتشارد نيكسون. 

عملت الراقصتان في أحد أهم الملاهي الليلة في القاهرة في الأربعينيات، وتقول الصحيفة إنه إبان الحرب العالمية الثانية، فُتحت العديد من النوادي الليلة في مدن مصر الكُبرى لتسلية الجنود الأجانب الذين تمركزوا حتى انتهاء فترة الحرب.

وحسب هآرتس، فإن أحد أفضل الملاهي الليلة كان يحمل اسم "قصر الحلمية"، الواقع في أحد أحياء القاهرة، واتسم عن غيره من الملاهي الليلية بتقديمه برنامجًا فنيًا غير عادي. كما أنه كان يهتم بأدق التفاصيل، في الملابس والأزياء، ويحرص على انتقاء كلمات أغاني مختلفة، وأن تكون العروض الراقصة متسقة مع الموسيقى.

وكان أهم عرض في قصر الحلمية هو عرض "التوأم جمال"، اللتان كانتا تقومان بالتدريبات والتمارين الصارمة والبروفات اليومية، ما جعلهما أشهر ثنائي راقص في مصر والوطن العربي آنذاك.

تقول الصحيفة إن الراقصتين كانتا لديهما قدرة غير طبيعية على التنسيق بين الموسيقى والحركات الاستعراضية، وزاد العروض روعة انسجامهما معًا.

وتشير الصحيفة إلى أن قصر الحلمية كان نقطة انطلاق الشقيقتين، وانتقالهما إلى المحافل الدولية. لاسيما بعد ظهورهما في عدد كبير من الأفلام المصرية، فنالوا شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم العربي.

بعدها اهتمت المواقع الإسرائيلية بشكل خاص بتاريخ الراقصتين والتركيز على أصلهم اليهودي، كما قام المتحف الإسرائيلي بالحصول على أرشيف الراقصتين والذي ضم مئات الصور الفوتوغرافية لهما والتي التقطت لهما في مصر وأمريكا خلال جولتهم العالمية وهكذا تظل حقيقة لمياء وليلى لغز يضاف إلى ألغاز عديدة فهل كانت الشقيقتان جاسوستان حقا أما كان ضحية من ضحايا المخابرات.

المصدر مصراوي/ لقطة فنية


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

recent
التنقل السريع